آخر الأخبار

27‏/08‏/2017

الشاعر: هاني الصلوي اليمن تصرخ من كثرة الشعراء



مقال لا الشاعر: هاني الصلوي

هاني الصلوي شاعر وكاتب يمني  مقيم في القاهرة وهو باحث في تحليل الخطاب والفكر الرقمي ومؤسس ملتقى النص الجديد ( مابعد قصيدة النثر ) الذي يقام سنوياً في القاهرة منذ أربع سنوات،  له عدد من الدراسات والبحوث ، أصدر مؤخراً ديوانيه الثالث والرابع : " مالاينبغي أن يقال " و " غريزة البيجامة " في كتاب واحد من جهتيه ، نشر  شعرا من قبل " على ضفة في خيال المغني " 2004 ، و " ليال بعد خولة " 2008، ترجمت بعض قصائدة إلى الإنجليزية والفارسية ، وأنجزت مؤخراً ترجمة فرنسية لديوانه " ليال ٍ بعد خولة " الحائز على جائزة السنوسي الشعرية ، التقيناه شاعراً فكــــــــان معه هذا الحوار :
حوار : عاطف محمد عبدالمجيد

ما الذي جعلك تقدم على نشر كتابين في كتاب واحد ، ألم تخف ألا يُهتم سوى بأحدهما ، ثم مالذي أوحى لك أن يخرج الكتاب بهذا الشكل ، حيث لكل كتاب منهما غلاف واحد أمامي وليس له غلاف خلفي ؟ ! .
 أقدم على ذلك قبلي أزيد من شاعر وكاتب ــ أعني في الوطن العربي ــ أخرج بعضهم عملين له في هكذا شكل أو كتاباً له وكتاباً لصديق أو صديقة وربما كتابين : كتاب والرد عليه كما حدث من جمع إحدى دور النشر بين كتاب قاسم أمين تحرير المرأة وكتاب محمد طلعت حرب في الرد عليه ، وقد رأيت بعض هذا الكتب بعد نشر كتابيَّ ، أما كيف واتتني الفكرة فداهمتني بعد أن رأيت كتيبات خاصة بطلبة الثانوية هنا تحضرفي إحدى جهات الكتيب الأسئلة وفي الجانب الثاني منه الأجوبة ، مادعاني إلى التفكير في تجريبها في هاتين المجموعتين الشعريتين وفعلت .، في العموم هو أمر شكلي .
بعيداً عن الشكــل لماذا نشرت تجربتين متباينتين في كتاب واحد وإن بجهتين مختلفتين ، ألم تخف من الاهتمام بإحداهما فقط وإهمال الثانية ؟
لا أعرف السبب تماماً لكني وجدت نفسي فجأة بحاجة لظهور الديوانين معـاً رغم الاختلاف الواضح بينهما ــ كما أشرتً ــ فــ " ما لاينبغي أن يقال " كتب على فترات متفرقة منذ فترة طويلة  وتأخرت في نشره مع قربه إلى القلب ، بينما " غريزة البيجامة " هو الأحدث وهو في الأصل تجربة في الكتابة الرقمية أستطعت بعد جهد جهيد إعادته إلى الورقة من الشاشة . تلبستني متجاذبة أن يراني المتلقي من عدة زوايا متحركة . أما اهتمام القارئ بإحدى التجربتين فأمر هو حرٌ فيه ، مع ذلك ستبقى المجموعة المقابلة في متناوله . ولاتنس أن الفضول ناشر ذكي وشبق .
إذا جاز لنا أن نقول إن لكل بقعة على وجه الأرض جوها الشعري الذي يخصها وحدها ، مالذي أضافته إليك إقامتك في القاهرة  ؟
أوافقك مقولة اختصاص كل بقعة بجو ٍ شعري خاص ، وهبتني مصر والقاهرة تحديداً ما لايمكن تلخيصه من المعاني والأوطان لا أستطيع أن أتخيلني شاعراً بدونها ، دون أن أسير على كوبري قصر النيل مرسلاً نفسي مع النيل في سريانه تارة ومع التيار المعاكس تارة  ، دون أن أمررني على تاريخ الشعر وحكايا شعراء المكان والعابرين ، حيث لاشفرة أحد من الذكرى ، أبحث في تحولات الأماكن التي أعرفها جيداً قبل أن تصير إلى كتل من الأسمنت أو حدائق أجمل من ذي قبل ، لست مسناً لأشهد كل هذا وأراقبه ، لاشك أنك تهجس بذلك اللحظة ، غير أني مررت بعدد منها في ما عشته من الكتب والقراءات ، أعادت القاهرة تشكيلي من جديد ، إنني لا أستطيع الابتعاد عنها أبداً ، فكلما غادرتها شرقاً او غرباً أجدني أفر مسرعاً إليها دون روية أو تخطيط .

وماذا عن الترجمة باعتبارها خيانة كما اعتدنا أن نقرأ : جيث " المترجم خائن " العبارة الأشهر في علم الترجمة ؟
أعتقد ــ بعكس هذا المقولة ــ فالترجمة ليست خيانة ً بل هي كرم فائض يمنح الفاعل (المترجم ) النص  روحه ودمه ، ولا أعتقد أن الأمانة محبذة في هذا السياق ، وكذلك الخيانة باعتبارها الترجمة ،  رغم ذلك أؤمن بــ " إيجابية الترجمة الخاطئة " ( كما كتبت ذات جنون ) أو بــ"خيانة الخيانة " . لايهمني سوى أن تولـِّــد نصاً جميلاً ، قد ينطبق هذا على ترجمة النصوص غير الأدبية من وإلى اللغات المتعددة ، ولعلنا ندرك كيف نشأت فنون أدبية مستجدة وفاتنة بسبب من سوء نقل هذه الفنون من لغة إلى لغة ، فنون لاعلاقة لها أبداً بالفنون الأصلية إلا في التسمية . على المستوى النصي أرى أن سبب اتسام لغة النصوص العربية الجديدة بسمات لغة النص المترجم ــ قصيدة النثر خاصة ــ  أتاح للغة العربية حيوية لم تكن لتتاح لها أبداً ، الروح نفسها التي أتاحتها ترجمة قصيدة النثر الفرنسية للإنجليزية  والعكس .
لكن كتاب قصيدة النثرالعرب ينكرون اتصاف لغتهم بميلها إلى أسلوب النص المترجم ؟
نعم يعتبرونها تهمة عادة ما يلصق بها بعضهم بعضاً في المخاصمات كما يرميهم بها كتاب النصوص المتباينة وهي في حقيقة الامر ميزة لكتـَّاب الحديث والأحدث ، أسهمت لغة الشبكة العنكبوتية في إشاعة هذه السمات ، ما يبشر بلغة مختلفة ، وبالأخص مع بداية عصر الترجمة الآلية .
يبدو ديوانك "غريزة البيجامة " حاملاً لسيرتك الذاتية.هل تؤيد ذلك ؟
بالطبع يمتليء الديوان " الغريزة " بنا ، بالغزير مني ومنها تلك القائمة في الصد والسلالة تدعوه ليأتي ثم تودعه لتبصر في ذهابه قفا وظهر أبيها ، بعد تأمل طويل لسحنته وتهور أصابعه التي لاتكف عن مناشدتها الخطة أو الحياد الذي لايحبه أحــد كما وردت في " غريزة البيجامة " .
من الملاحظ أنك في " غريزة البيجامة " و " مالا ينبغي أن يقال " تميل إلى كتابة النص القصير هل تتعمد ذلك أم يفرضه النص عليك ؟
يحكمني النص في العادة ، ولا أقصد إلى حجم معين للنص أو مساحة ، وربما أطر نصوصي القصيرة إطار عام بحيث يتنمي جملة من النصوص القصيرة إليه كما حدث في " الغريزة " ، إذ النصوص القصيرة جداً فيه غير المنضوية تحت نص عام  ــ كما رأيت ـــ قليلة جداً .
تتعدد اهتماماتك  بين النقد والكتابات المختلفة والسرد والشعر الذي تحبه وتؤثره ، ماذا كنت ستفعل لو لم تكن شاعراً ؟.. هل تستطيع التخيل ؟
تحضرني حزمة إجابات تقليدية عند هذا السؤال ، لكني لا أدري . أصدقك القول : لم أفكر في هذا من قبل ، لا أقدر على أن أكون غيري ، ربما كنت سأقيم في مجالات حميمية كالشعر قريبة مما أنا فيه الآن . وقد أبقى دون الرشد طفلاً يعابث الحشرات الأليفة في البركـ والغدران ولايتقدم به العمر .
ربما لايعرف المتلقي المصري من شعراء اليمن سوى الراحل البرودوني وعبدالعزيز المقالح ؟  أين شعراء اليمن الآخرين ؟
اليمن تصرخ من كثرة الشعراء ، ربما كانت عدم المعرفة تلك في السابق فصوت البردوني  المبدع الحقيقي كان قوياً وحاضراً غطى على بقية الأصوات ، وكذلك كان صوت المقالح المتعدد الاهتمامات ، إلى جانب إهمال شعراء يمنين مهمين جداً إيصال صوتهم خارج اليمن وإهمال الإعلام لهم  وكذلك إهمال دارسي الشعر اليمني من الأكاديمين العرب خاصة لهم ، ظلت عدن لفترات طويلة مهوى أفئدة الشعراء العرب واحتضنت صنعاء معظم النقاد والمفكرين العرب ، قد يكون  الوصول للقاهرة أيضاً  أقل من الوصول للمدن العربية الأخرى ، ربما لاتساع المشهد المصري واكتفائه بنفسه . الآن طبعاً مع الثورة المعلوماتية والانفجارات التقنية اللامتناهية انهارت كل الجدران ، لم يعد ممكناً بقاءُ شاعر أو مبدع في الظل حيث لم يبق هناك ظل من الأساس . فالشعر في كل العالم أضحى يتحرك على شاشات الأنترنت ويعيش، الشعراء اليمنيون الآن حاضرون مثل غيرهم على شبكة الشبكات اللعينة هذه ، ثمة ثورة حقيقية في الشعر اليمني لاتبقي على شيء ، تجد ذلك على سبيل المثال في " Face book " و " Twetter " ، وقبل ذلك في المدونات والمنتديات والمواقع المتخصصة والعامة . أدري أنك تتابع كل هذا فمثلك لا يتوارى عنه برق .

ـــ وأخيراً ماهو جديدك البحثي ؟
ــــ " الحـــداثة اللامتناهية الشبكية .... أفاق بعد ما بعد الحداثة "
ـــ والشعري ؟
ــــ " كتاب الهزيمة " و " تعدين أذن بقرة " .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة ل عزان الطفي 2023
تطوير عزان الطفي